محطات في حياة متنبي القرن العشرين “الجواهري” | أنكيدو بريس
محطات في حياة متنبي القرن العشرين “الجواهري”
  • الأحد, يناير 24th, 2021
حجم الخط

ولد الجواهري في النجف في 26 يوليو/تموز من عام 1899،من أسرة ذات سمعة ومقام عالي جدًا بين الأوساط النجفية الدينية والأدبية. وكان أبوه عبد الحسين عالمًا من علماء النجف، وقد ألبس لأبنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالمًا، ولذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم هو في سن العاشرة، ويتحدر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تعرف بآل الجواهر، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة، والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر، والذي ألف كتابًا في الفقه واسم الكتاب «جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام». ومن هنا لُقِب بالجواهري، وكان لهذه الأسرة في النجف مجلس عامر بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية. وكان والداه حريصًا على أرساله إلى المدرسة وأن يُدرس من أساتذة كبار يعلموه أصول النحو والصرف والبلاغة والفقه. ويذكر أنه أشترك في ثورة العشرين ضد السلطات البريطانية. وأول مجموعة شعرية له وهو في الخامسة والعشرين من العمر، تحت عنوان، خواطر الشعر في الحب والوطن والمديح، وتبعه إصدار أول ديوان شعري في العام 1928 بين الشعور والعاطفة.

عمل الجواهري لفترة قصيرة في البلاط الملكي بعد تتويج الملك فيصل الأول ملكًا على العراق، وقدم استقالته منها، ويعلل ذلك بسبب قصيدته «جربيني» لما فيها من تحدِ للمجتمع والعادات آنذاك، وبعد ذلك دخل إلى عالم الصحافة، وأسس جريدة الفرات، التي أغلقتها الحكومة، ولم يستطع إعادة فتحها؛ لذلك توجه الجواهري إلى سلك التعليم وعمل معلمًا في المدارس والثانويات في عدة مدن منها بغداد والبصرة والحلة.

في عام 1936 أصدر جريدة الانقلاب عقب الانقلاب العسكري وبسبب مواقفه المناهضة للانقلاب حُبس لمدة ثلاثة أشهر واغلقت الصحيفة، بعد خروجه وسقوط حكومة الانقلاب العسكري أعاد فتح الجريدة باسم الرأي العام، وكانت المقالات التي ينشرها سببًا لأغلاق الصحيفة لأكثر من مرة حتى أن الضغوط دفعته للهجرة إلى إيران والعودة بعد فترة.

وفي عام 1946 ظهرت في العراق دعوات إلى نشر وترسيخ الديمقرطية وهذا ما شجعته حكومة توفيق السويدي التي شُكلت في 23 فبراير، عام 1946، وتأسس الحزب الوطني الذي كان الجواهري من الأعضاء المؤسسين له، وأجازت الحكومة للحزب الوطني ممارسة العمل السياسي، وفي 2 أبريل/نيسان أتخذ الحزب من جريدة الرأي العام، الناطق الرسمي له، وبعد فترة نشبت خلافات بين أعضاء الحزب مما أدى بالجواهري إلى أن يقدم استقالته في أغسطس/آب من عام 1946، وواصل الجواهري نشاطه السياسي بالإضافة إلى النشاط الصحفي، فقد كان مسؤولًا عن جريدة الرأي العام، وفي عام 1947 انتخب نائبًا في مجلس النواب العراقي واستقال بعد عام لمعارضته معاهدة بورتسموث والتي كان شقيقه أحد ضحاياها نتيجة لتعرضه لإطلاق ناري خلال التظاهرات ومقتله متأثرًا بجراحهِ بعد عدة أيام، وبسبب هذهِ الواقعة كتب قصيدتين يرثي فيها أخيهِ بعنوان «أخي جعفر» و«يوم الشهيد».

وفي عام 1949 كان محمد مهدي الجواهري العربي الجنسية الوحيد من حضر في مؤتمر أنصار السلام العالمي الذي أقيم في بولندا وعلى أساسه أُسس مجلس السلم العالمي عام 1950 وأختير عضوًا فيه. وفي عام 1956 سافر الجواهري إلى سوريا لتلبيةً دعوة رسمية في حضور الحفل التأبيني السنوي للذكرى الأولى على اغتيال العقيد عدنان المالكي. وفي هذا الحفل ألقى الجواهري مجموعة من الأبيات في الحفل التأبيني اعتبرتها الحكومة العراقية معادية في المضمون وخصوصًا بما يتعلق بحلف بغداد، وجراء ذلك طلب الجواهري اللجوء السياسي في سوريا، وعمل في إدارة تحرير مجلة الجندي التابعة للقوات المسلحة السورية، وبعد عام ونصف رجع الجواهري إلى العراق. فاستدعي من الحكومة في البداية وواجه تهمة المشاركة في محاوة قلب نظام الحكم التي رد عليها مستهزئًا بقولهِ: “«ولماذا أشترك مع الأخرين وأنا استطيع قلب النظام بلساني وشعري» وبعد ساعات، أطلق سراحه.

بعد انتقال العراق من الملكية إلى الجمهورية في 14 يوليو/تموز عام 1958 كان الجواهري من أشد المتحمسين لهذا الانتقال المهم والحساس، وأُطلق عليه في تلك الفترة لقب شاعر الجُمهورية، وأول نقيب للصحفيين في تاريخ العراق، في 7 سبتمبر،/أيلول من عام 1959 من ضمن المؤتمر التأسيسي الأول بحضور الزعيم عبد الكريم قاسم. لكن تأزمت علاقت الجواهري بالنظام السياسي مما أضطر لمغادرة العراق إلى لبنان في عام 1961، ومن هناك سافر إلى جمهورية التشيك بدعوة من اتحاد الأدباء، وقدم طلب للجوء السياسي.

منزل الشاعر الجواهري في بغداد والذي تحول الى متحف
وبعد انقلاب 8 شباط 1963 سحبت الحكومة العراقية الجنسية العراقية من الجواهري، لرفضه الانقلاب بقيادة عبد السلام عارف، وعاد إلى العراق لاحقًا بعد انقلاب 17 تموز 1968، بدعوة من الحكومة العراقية وأعادت له الجنسية العراقية وقدمت له راتبًا تقاعديًا قَدره 150 دينار كل شهر، وفي أواخر عام 1980 غادر العراق ليستقر في دمشق، وتذكر بعض المصادر أن الجواهري أنتقل إلى سوريا في عام 1983 تلبية لدعوة رسمية، وبعض المصادر تذكر أن الجواهري في عام 1980 كان يسكن بالحقيقة في جمهورية التشيك، وفي تسعينيات القرن الماضي سُحبت الجنسية العراقية منه مجددًا بسبب مشاركته في مهرجان الجنادرية السنوي المقام في المملكة العربية السعودية في عام 1994.

توفي فجر يوم الأحد المصادف 27 يوليو/تموز 1997 في إحدى مستشفيات العاصمة السورية دمشق، عن عمر يناهز ال ٩٨ عاما، وشُيع تشييعًا مهيبًا حضره أركان الدولة السياسيين والعسكريين بالإضافة إلى حضور شعبي عظيم، ودفن الجواهري في مقبرة الغرباء في منطقة السيدة زينب في دمشق إلى جانب قبر زوجته السيدة أمونة. وعلى قبرهِ نحتت خارطة العراق من حجر الكرانيت مكتوب عليها «يرقد هنا بعيدًا عن دجلة الخير»، في إشارة إلى قصيدته.

متابعة نرجس ال شبيب

مواضيع قد تعجبك

أترك تعليق

إستفتاء جاري حاليا

بحث في الموقع

ما رأيك فى إنطلاقة إنكيدو بريس

عرض النتائج

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

عالم وعلم