في سبعينيات القرن الماضي
عرضت مسرحية “مدرسة المشاغبين”
على مسرح الحرية في باب اللوق، وفي ليلة من ليالي العرض حضر “عبد الحليم حافظ”، ليتفرج على المسرحية وكان معه أمير عربي، وبعد نهاية العرض زار حليم النجوم فى غرفهم الخاصة بهم ، لكن لسببٍ ما لم يزر “أحمد زكي”..
وعندما وصل الخبر الى احمد زكي إن العندليب حضر العرض وسلم على الكل إلا هو،احس باهانة شديدة جرحت مشاعره واعتبر هذا تقليل من شأنه كممثل، خاصة مع ظروفه التي ظهر بها فشعر بكسرة نفس، واقفل عليه باب غرفته وصوت صراخه يسمع في المسرح كله..
خاصة وإن “زكي” كان موعود بمقالب “عادل إمام” و”سعيد صالح”، طوال فترة العروض، وحمل هم سخريتهم والاستهزاء بقدراته كالمعتاد، فمثلا يتصل سعيد بعادل امام ويقول له انا رمسيس نجيب اريد ان اتعاقد مع زكي على عدد من الافلام وهذا كله من جانب الاستظراف وخفة دمهم ..
وكانت ستكون مستساغه لو كانت مع غير احمد زكي الذي كان يعاني من وحشة اليتم ووحدته وعزلته بين الناس..
وفي عرض اليوم التالي لزيارة حليم اتم زكي دوره ورجع الى غرفته واقفل بابه عليه يوم وبعد قليل سمع سمع خبطات ضعيفة على الباب فردّ: مين؟.. جاءه صوت وسط ضجيج من برا أنا “عبدالحليم”..
فهم “زكى” إن هذه لعبة من سعيد صالح وبعض العاملين معهم كعادتهم ، فثار عليه وصرخ : امشيِ يا “سعيد” يا ابن الـتيييييبت….
ولم يفتح خوفا من الإحراج كما كل مرة، لكنه سمع صوت صديقه “فرفور”، الذي كان يعمل معهم في الفرقة وراء الكواليس، يقول له : افتح يا زكاوة.. ده عبدالحليم..
ففتح الباب وهو يظن ان “فرفور” شارك في اللعبة معهم ، لكن كانت المفاجأة عندما راى “عبدالحليم حافظ” وراء الباب وحوله العمال، “أحمد زكي” نفسه حكى القصة دي بكل فخر، وقال: “حليم” جه مخصوص عشاني، عشان يجبر بخاطري..
الله، لما الفنان يكون على القدر العالي دا من الإنسانية..”
يكمل “أحمد زكي” لم اشعر بنفسي الا وانا احضن حليم بقوة كاخوين تقابلوا بعد فراق سنين، و”حليم” يضحك من ردة الفعل هذه، ويقول له وهو بين ذراعيه
-كده تزعل منى؟! ده احنا بلديات يا “زكاوة”..
حيث كانوا بينادون احمد زكي في كواليس عرض المسرحية بـ”زكاوة”، وهذا الذي عرفه “حليم”، ولذلك ناداه بالاسم الرسمي له ورا الستارة، كي يكسر أي حاجز بينهم، وليس هذا فقط بل انه عندما خرج من حضنه شد على إيديه بالسلام، وقال:
– اسمحلي أهنيك بموهبتك وأدائك يا “أستاذ أحمد زكي”..
تخيل عندما نجم النجوم “حليم” ينادي الوجه الجديد “أحمد زكي” بـ”أستاذ”، ولذلك نقول إن النجومية مسؤولية، سهل الوصول لها ولكن بصعوبة يحافظ عليها
“عبدالحليم” أشاد بأدائه في المسرحية، وقال إنه يتابعه لأنه يذكره بنفسه، بسبب التشابه في حياتهما ومشوارهما وإن خطوات “زكي” الفنية تضيف له، وختم له الكلام بجملته: “أنا هسافر أتعالج في لندن، وهارجع تمثل معايا فيلمي الجاي، علشان أنت ممثل كبير”..
بغض النظر عن صدق العندليب في كلامه من عدمه، وسواء ان كان متابعا له فعلًا ام لا، او ان كان ناويا مشاركته في فيلمه الجديد أو لا تبقى زيارته الخاصة لتطييب خاطر ممثل شاب مغمور ليسنده ويدعمه، فهو قمة الرقي ومنتهى الجمال والروعة.
وفعلًا سافر “عبد الحليم” لعاصمة لضباب لندن، ولكنه رجع في تابوت، ميت، ولم يتحقق ما قاله بشان مشاركة “أحمد زكي” في فيلمه الجديد، ولكن “زكي” ابقى الامنية هذه في قلبه، وصمم وهو في نهاية عمره إن يجتمع مع “حليم” في فيلم واحد، ولكن كتجسيد للشخصية، لكن الموت لحق بالفتى الأسمر هذه المرة، قبل ان يتم اللقاء بالكامل..
وايضا سافر لندن للعلاج وخرج بتابوت ايضا قبل ان يشاهد فلم العمر مع حليم .
هكذا شاءت الاقدار