اقتدار وطن نَهْضَةِ وطن ..!
ستار الدراجي
لَقَدْ كَانَتِ السَّنَوَاتُ الْمَاضِيَةُ، وَفِي ظِلِّ وُجُودِ أَحْزَابٍ وتياراتٍ مُتَعَدِّدةٍ، كَتِلْك المؤدلجةِ؛ دِينِيًّا وَأُخْرَى قوميا” خَارِجَ حُدُودِ الوطن” وَمِنْهَا أَيْضًا أحْزَابٌ متأثرةٌ بثقافاتٍ مُسْتَوْرَدَةٍ، ناهيكم عَنِ الحُضُورِ الْمُطْلَقِ لِسُلُوكِ الاقطاعياتِ الْمُتَنَاحِرَةِ والفوضوية وَاَلَّتِي عَرَفْت بالأنانيةِ والمحاصصةِ وَفْقِ مُعَايَر ايديولوجيةٍ ومناطقيةٍ تَعُودُ إلَى تَارِيخِ الْعُصُورِ الوسطويةِ الْبَالِيَةِ الَّتِي عانتْ مِنْهَا أَغْلَبُ الدِّولِِ الْمُتَأَخِّرَةِ والمتخلفةِ آَنـذاَكَ .    ومنذ ذَلِكَ الْوَقْتِ الى الوقت الحاضر مَرَّ العراق بِمَرَاحِلِ عَصِيبَةٍ ، انفجارات واغتيالاتٍ وَحُرُوبٍ  طَاحِنَة ، أَثَّـرَ ذَلِكَ سَلْبًا عَلَى حَيَاةِ العراقيين فِي مُخْتَلَفِ الْمَجَالاتِ سواءً السِّيَاسِيَّةِ أَوِ الاقْتِصَادِيَّةِ ، يَتْبَعُهَا خُلُوُّ السَّاحَةِ السِّيَاسِيَّةِ مِنْ رُؤْيَةٍ وَطَنِيَّةٍ ، وهروبُ النُّخبِ وَالْأَحْزَابِ التَّقْلِيدِيَّةِ مِنَ الْمَسْؤُولِيَّةِ؛ وتفرُّغها التَّامِّ لتوطين بَعْضِ الْأَفْكَارِ الْمُسْتَوْرَدَةِ الَّتِي لَمْ تُضِفْ للشَّعْبِ شَيْئًا سِوَى الْمَزِيدِ مِنَ التشرذمِ و الشتاتِ واتسعاعِ رُقْعَةِ الْفَقْرِ و انْعدامِ التَّعْلِيمِ و غيابِ الْوَعْي المجتمعيِّ وَ حَالَةِ الفَوْضَى، فِي إدَارَةِ الدَّوْلَة وتفشي ثَقَافَةِ الْفَسَادِ فِي كَافَّةِ مؤسساتها وَعَدَمِ اِيجَادِ مَشْرُوعٍ ومخططٍ لِتَنْمِيَةٍ اقْتِصادِيَّةٍ صاعِدَةٍ، يفْهِمُ متطلباتِ الْمَرْحَلَةِ أَلْزَّمْنِيةِ الَّتِي تَعْصِفُ بِالْبِلَادِ ، و َالْعَمَلَ عَلَى خَلْقِ تأثيرٍ إقليميٍّ، يَلِيقُ بِمَكَانِهِ وَتَارِيخِ العراق .    اسْتَمَرَّتِ بعض الأَحْزَابُ السِّيَاسِيَّةُ مُمَارِسَةً مهامَها التوسُعيَّةَ ، و َلِأَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ الْعَيْشَ دُونَ أَزَماتٍ، فَقَدْ حوَّلَتْ نَفِْسَها إلَى جَزَاءٍ أَصِيلٍ مِنََ الصِّراعِ السِّياسِيِّ غَيْرَ المُبَرِّرِ ، و بَثَّتْ ثَقَافَةَ التَّعَصُّبِ الإيديولوجي وَالتَّحْرِيضِ الجهويِّ والمناطقي والفئوي، حَتَّى أَدْخَلَتِ الْمُوَاطِنَ فِي بُؤرٍ يَصعُبُ الْخُرُوجُ مِنْهَا ، بَل و أسهَمتْ فِي صناعاتِ الشَّخْصِيَّاتِ المعلَّبةِ والمعبَّئةِ ، حَتَّى اسْتَطَاعَ الْأَخِيرُ التَّغَلْغُلَ دَاخِلَ مَفَاصِلِ الدَّوْلَةِ ، لِيَصْنَعَ لِنَفْسِه لُوبِيٍّ مُحْتَرَفٍ و متطرفٍ يُحْمَلُ أَحْقَادًا وثأْرَاتِ الْمَاضِي؛ وَيَتَمَسَّكُ بخزعبلاتِ الحَقِّ الإلَهِيٍّ لكرسي ، و َإِنَّ الوَطَنَ مِلْكِيَّةٌ خَاصَّةٌٍ وَلَا يَحِقُّ لِمَنْ سِوَاهُمْ؛ سِوَى الْمُبَارَكَةِ ليصبحوا ضَمِنَ أعْدَادِ ” العبيد” .    مَا بَيْنَ مَاضٍِ سَحيقٍ وَمُسْتَقْبَلٍ مَجْهُولٍ؛ كَانَ لِزَامًا عَلَى الْأَحْرَارِ رَفْعَ أَصْوَاتِهِمْ العراقية وَالْبَحْثَ عَنْ حلولِ لِلْخُرُوجِ بِالْوَطَنِ مِنْ هَذَا الْوَضْعِ الكارثيّ ، الَّذِي جَعَلَ مِنْ العراق وَطَنًا بَدَائِيًّا، حوَّلتهُ السِّيَاسَاتُ الْمَجْنُونَةُ والشخصياتُ الورقيةُ الْخَرِفةُ إلَى بِيئَةٍ ملغومةٍ، يَصْعُبُ التَّعَامُلُ مَعَهَا إلَّا مِنْ خِلَالِ التَّغَييرِِ الجذريِّ وَإتَاحَةِ الْفُرْصَةِ للطَّاقاتِ الشبابيةِ الوَطَنِيَّةِ الواعدةِ ، الَّتِي لَمْ تُلطِّخْ يَدِهَا بِدِمَاءِ العراقيين ، وَلَمْ تَكُنْ يَوْمًا منبطحةً أمَامَ رَغْبَاتِهَا الشَّخْصِيَّةِ الضَّيِّقَةِ؛ أَو مُعَوَّلًا لِلْهَدْمِ والتمزيقِ؛ و َأَداةً لِاِثَارِةِ النعراتِ و تقزيمِ العراق إقليميا ودوليا .    لَقَدْ كَانَ مِنَ الضَّرُورِيِِّ وَنَحْنُ نَعيشُ حَالَةً مِنْ الِانْحِرَافِ التَّامِّ للبوصلةِ الوَطَنِيَّةِ ، و َاسْتِمْرَارَ صِرَاع الْقِوَى دُونَ هَوِيِّةٍ وَاضِحَةٍ ، وُجُودُ تَيّارٍ وَطَنِيٍّ حداثيٍّ كـ(تجمع اقتدار وطن ) هَذَا الكِيانُ   الْأَصِيلُ الْجَامِعُ لِكَافَّةِ أَبْنَاءِ الوَطَنِ الاتِّحاديِّ مِنْ أقْصَاهُ إلَى أقْصَاهُ.    إنَّ تجمع اقتدار وطن يَقِفُ الْيَوْمََ عَلَى عُتْبَةٍ تَارِيخِيَّةٍ حَاسِمَةٍ، وَمِنْ هُنَا نُدْركُ خُطُورِةَ الْمَرْحَلَةِ وَحَجْمَ التحدياتِ وَثَقُلَ الْمَسْؤُولِيَّةِ؛ لكِنَّنَا نَعْلَمُ جَيِّدًا بِأَن أَبْنَاءَ العراق مِنْ النهضويين قَادِرِين بإصرارهم وحلمهم الْمَشْرُوعِ عَلَى تَجَاوُزِ الْمَرْحَلَة و شحذِ الْهِمَمِ وَ بِنَاءِ نَهْضَةٍ وَطَنِيَّةٍ تَلِيقُ بتضحياتِ الشُّهَدَاءِ الْأبْطَال،ِ وَ تَحْفَظُ لِلْإِنْسَانِ العراقي كَرَامَتِهِ وَعِزَّتِهِ وشموخهِ .

أَدْعُو أَبْنَاءَ اقتدار وطن بِأَن يتفاخروا بأنفسِهم ويثقوا بقياداتهم وَيَرْفَعُوا رُؤُوسَهُم عَنَانَ السَّمَاءِ ، فلديهم مَا يَسْتَحِقُّ الثِّقَةَ ، مِنْ خِلَالِ مَنْظُومَةٍ مِنْ الْمَبَادِئِ وَالْقَيِّمِ الدَّاخِلِيَّةِ المُتناسقةِ وَخِطَابِ مُتَّزِنٍ ومتوافقٍ مَع رَوْحِ الْمَنْظُومَةِ وَالْقَيَمِ ، و َشَبَكَةٍ مِنَ الْعَلَاقَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةِ الْمُنْفَتِحَةِ عَلَى جَمِيعِ شرائحِ الْمُجْتَمَع وَالْقِوَى الْمُعْتَدِلَةِ ، وهيكلٍ تَنْظِيمِيٍّ مُتَطَوِّرٍ وَفِكْرٍ حُرٍّ وَ عَقْلٍ تشاركيٍّ؛ قَادرٍ على إِمْكانِيَّةِ تَطويرِ سياساتٍ مُتَوَافِقَةٍ مَع رَوْحِ الْعَصْرِ.    إنَّ العُنْصُرَ الرَّئِيسِيَّ مِنْ أَجْلِ اسْتِقْرَارِ الشُّعُوبِ ، وَبَقَاءِ الدُّوَلِ هُو الْوَعْيُّ الْمُشْتَرَكُ وَنَشْرُ رَوْح الْمَحَبَّةِ وَالإِخَاءِ وَالحِفَاظِِ عَلَى هَوِيِّةِ و ثقافةِ وَقِيَم الْأُمَّةِ و َنَبْذِ خِطَابِ الْكَرَاهِيَةِ و َسُلُوكِ الْإِرْهَابِ المتطرفِ وَ التَّمْيِيزِ العُنْصُرِيِّ لِأَيِّ أَسْبَابٍ كَانَتْ ، عَقِيدَتُهُ ، وَ جِنْسُهُ ، و معتقداتُهُ و َعَرَقُهُ ، و َمَفْهُومُهُ الْفَلْسَفِيُّ ونمطُ حَيَاتِهِ.  كُلُّ هَذِهِ النزواتِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى تَدْمِيرِ رَوْحِ وَضَمِيرِ الْمُجْتَمَعِ الْمَدَنِيٍّ نرفضُها و ترفضُها الشُّعُوبُ المُتَحضِرةُ .    تجمع اقتدار وطن ،  يُؤَسِّسُ للحداثةِ وَالدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَيَسْعَى لِإِنْقَاذِ العراق مِنْ الصِّراعِ والفَوْضَى وَيَعْمَلُ علی تَحْقِيقِ نَهْضَتِهِ؛ انْطِلَاقًا مِن ثوابتِهِ المتمثلةِِ َالْوَحْدَةِ الوَطَنِيَّة وَالدّوْلَة الاتِّحاديةِ الضَّامِنَة لِلْحُقُوقِ و المواطنةِ الْمُتَسَاوِيَةِِ و المُحققةِ للتَّنمیةِ الْمُسْتَدَامَةِ و َالسَّلَمِ الاجْتِمَاعِيِّ و َالسَّلَامِ الْعَالَمِيِّ .    و ختاماً.. أُكَرِرُ دَعْوَتِي لأَبْنَاءِ تجمع اقتدار وطن وَكُلِّ الْأَحْرَارِ و الأوفياءِ و المخلصينَ إلَى تَضَافُرِ الجُهُودِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْبَدْءِ لِمَرْحَلةٍ جَدِيدَةٍ مِنَ النِّضَالِ الوَطَنِيِّ؛ مِنْ أَجْلِ رَسْمِ مُسْتَقْبِلِ العراق الْوَاعِدِ ، فَعِنْدَمَا تَجْتَمِعُ الْعُقُولُ و َالْإِرَادَةُ وَالضَّمِيرُ ، تُبْنَى الْأَوْطَانُ وَتَحْفَظُ كَرَامَةُ الْإِنْسَانِ .